تقرير مفصل عن جوان لابورتا وصيف برشلونة الملتهب

أعلن برشلونة عن توقيع رافينها من ليدز يونايتد مقابل 75 مليون يورو , في حين أتم صفقة لشراء روبرت ليفاندوفسكي من بايرن ميونيخ مقابل 60 مليون يورو, السؤال هو كيف يمكنهم تحمل تكلفة هؤلاء اللاعبين ، بالنظر إلى مشاكلهم المالية العويصة الموثقة؟

وضعية مالية حرجة في برشلونة ولابورتا يدعو لحالة الطوارئ

في الشهر الماضي فقط ، قارن رئيس جوان لابورتا برشلونة بمريض "مات عمليًا من الناحية المالية" , بينما قال نائب الرئيس للشؤون المالية إدوارد روميو إن هناك حاجة إلى 500 مليون يورو "لإنقاذ النادي".
لم يكن هذا مفاجئًا ، نظرًا لضخامة المشكلات المالية لفريق برشلونة, على الرغم من أن الأمور قد تغيرت منذ آخر حسابات موسم 2020/21 ’ إلا أنه من المفيد مراجعتها لفهم ما يجري والذي أدى سبب حيرة الكثير من المعجبين في إنفاق هذا الصيف.

بعد العديد من السنوات المربحة بسبب الاستفادة من الشراكة مع القطريين الذين تخلت عنهم برشلونة لأسباب ايديولوجية , تراجعت برشلونة إلى 133 مليون يورو خسارة قبل الضرائب في عام 2020 ، تليها خسارة مروعة بقيمة 555 مليون يورو في عام 2021 ، والتي كانت إلى حد ما الأسوأ في أوروبا, في الواقع كانت هذه أكبر خسارة يبلغ عنها أي نادٍ لكرة القدم.
تضاعف إجمالي ديون برشلونة (بما في ذلك القروض المصرفية ورسوم التحويل والأجور والسلطات الضريبية والدائنين الآخرين) بأكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات الخمس الماضية ليقف عند 1,4 مليار يورو , وهو ثالث أعلى دين في أوروبا , وأقل فقط من تشيلسي (قروض أبراموفيتش الصديقة. ) و توتنهام هوتسبير (تمويل ملعب جديد).

لقد اضطر فريق برشلونة إلى دفع ثمن باهظ مقابل نمو الديون هذا , حيث ارتفعت مدفوعات الفائدة من مليون يورو فقط في عام 2018 إلى 41 مليون يورو في عام 2021 , والتي كانت الأعلى بشكل واضح في أوروبا , قبل اتليتكو مدريد 30 مليون يورو ، و مانشستر يونايتد ب23 مليونًا و توتنهام ب21 مليون يورو.

برشلونة من أكثر الأندية التي تشتري لاعبين

تم استخدام ديون برشلونة إلى حد كبير في تمويل شراء لاعبين جدد بقيمة 1.2 مليار يورو تم إنفاقها على الانتقالات في السنوات الخمس قبل عام 2021 , والتي تجاوزها يوفنتوس فقط على الرغم من أنها كانت أكثر من إنفاقات مانشستر سيتي وتشيلسي الكبيرة.
مثل جميع أندية كرة القدم ، إحدى الطرق التي نجح بها فريق برشلونة في التوقيع مع هؤلاء اللاعبين هي دفع رسوم الانتقالات على مراحل , على الرغم من أنهم تمكنوا من خفض الديون المحولة إلى 231 مليون يورو في عام 2021 , إلا أن هذا كان لا يزال ثاني أكبر الديون في أوروبا ومرة ​​أخرى بعد يوفنتوس فقط.

برشلونة ليس نادي مملوك

بالطبع برشلونة لا تستفيد من تمويل المالك (قروض ورأس مال) , على عكس العديد من الأندية الرائدة الأخرى التي يعتمد نموذج أعمالها على الملاك (الخيرين) ، على سبيل المثال , في السنوات العشر الماضية كما حصل إنتر وميلان على أكثر من 900 مليون يورو ، و تشيلسي ومانشستر سيتي أقل بقليل من 800 مليون يورو.
لذا كان الوضع المالي في برشلونة في نهاية موسم 2020/21 سيئًا للغاية , على الرغم من وجود بعض علامات التشجيع إذا بحثنا بشكل أعمق في الأرقام.

برشلونة يلجؤ الى البنوك للتخفيف من وطأة الدين

النبأ "السار" هو أنه تمت إعادة هيكلة ديون برشلونة بقرض بقيمة 595 مليون يورو لمدة 10 سنوات بنسبة 1.98 ٪ لتحل محل الديون القديمة قصيرة الأجل ,( أي أن برشلونة يستدين من البنوك ليدفع ديونه) قبل إعادة التمويل , اذ كانت هذه مشكلة كبيرة حيث كان يتعين سداد 596 مليون يورو في غضون 12 شهرًا فقط , كان هذا هو الأعلى في أوروبا و أكثر بكثير من الأندية الأخرى.
تجدر الإشارة أيضًا إلى أن خسارة برشلونة التي بلغت 555 مليون يورو قد تأثرت بشكل كبير بتكاليف قدرها 271 مليون يورو لمرة واحدة بعد تقرير العناية الواجبة , بما في ذلك 161 مليون يورو مقابل لاعب و 26 مليون يورو أخرى و 84 مليون يورو (دعاوى قضائية ، قضايا ضريبية) والتي لن تتكرر , أي أن مشاكل برشلونة متعددة..

بعد تعقيد الأمور الليغا وتيباس يحاولون مساعدة لابورتا في تخطي أزمة برشلونة

نتيجة للانخفاض الكبير في قيمة (تدوين قيم اللاعبين) . سيستفيد برشلونة بميزتين ماليتين من الآن فصاعدًا: 
(1) انخفاض استهلاك اللاعب.
(ب) ستحقق مبيعات أي لاعب أرباحًا أعلى.

وبالمثل ، تضمنت خسارة برشلونة صافي تأثير بقيمة 92 مليون يورو لـ COVID. بلغ تخفيض الإيرادات 219 مليون يورو ، خاصة الاستاد 181 مليون يورو والمحلات التجارية 56 مليون يورو , في حين تم تخفيض النفقات بمقدار 127 مليون يورو (الأجور المؤجلة 60 مليون يورو , التوفير من عدم فتح الملاعب والمتاجر 64 مليون يورو).
هذا يعني أن برشلونة 2021 الخسارة الأساسية , أي باستثناء الرسوم التي تبلغ 271 مليون يورو لمرة واحدة و 92 مليون يورو من تأثير COVID ، كانت 193 مليون يورو "فقط" , مقابل 555 مليون يورو المبلغ عنها , لكن لا يزال هذا رقمًا فظيعًا ، لكنه ليس قريبًا من الرقم الرئيسي.

مشكلة الحد الأقصى للأجور في برشلونة

ومع ذلك فإن المشكلة الأكثر إشكالية بالنسبة إلى برشلونة هي الحد الأقصى للرواتب الذي تفرضه مراقبة التكاليف الاقتصادية في الدوري الإسباني , والذي يحدد المبلغ المسموح لكل نادٍ بإنفاقه على لاعبي الفريق الأول و الاحتياطيات و الأكاديمية و المدربين و العلاج الفيزيائي… إلخ.
يحسب الدوري الأسباني كل موسم سقف رواتب النادي كايرادات مطروحًا منها النفقات غير الرياضية وسداد الديون , على عكس قواعد اللعب المالي النظيف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم التي تنظر في السنوات السابقة , يتم تطبيق لوائح الدوري الإسباني مقدمًا أي قبل حدوث أي إنفاق.
إذا تجاوز النادي سقف راتبه يمكنه فقط استخدام 25٪ من أي مدخرات تم تحقيقها (أو مكاسب انتقالات) لجلب لاعبين جدد , مع استخدام 75٪ أخرى لتقليل الالتزامات الموجودة , إذا كان اللاعب يمثل أكثر من 5٪ من تكلفة الفريق , فإن المبلغ المتاح للاستثمار يرتفع إلى 50٪.

تيباس يحاول مساعدة برشلونة؟

أوضح رئيس الدوري الأسباني خافيير تيباس سابقًا ، "إذا باع فريق برشلونة لاعبًا مقابل 100 مليون يورو , فيمكنهم إنفاق 25 مليون يورو فقط. إذا أرادوا إحضار لاعب يكلفهم 25 مليون يورو في الراتب الموسمي , فيجب عليهم كسب 100 مليون يورو إما عن طريق الانتقال أو تخفيض الراتب ".
ومع ذلك  فقد خفف الدوري الأسباني مؤخرًا سقف الرواتب بطريقتين مهمتين نتيجة للخسائر الناجمة عن الوباء.

أولاً: أصبحت قاعدة 1: 4 1: 3 لنافذة الانتقالات الصيفية 2022 , أي أنه يمكن للنادي الآن استخدام 33٪ من أي مدخرات تم تحقيقها أو تحويل الأرباح على مشتريات اللاعبين.

ثانيًا : يمكن للنادي أن يخفف من تأثير الخسائر الناجمة عن COVID من خلال الاضطرار فقط إلى تضمين نسبة أقل من الخسائر في حساب الحد الأقصى للراتب: 15٪ في 2022/23 , و 20٪ في 2023/24 و 2024/25 , و 22.5 ٪ في 2025/26 و 2026/27.

مشكلة برشلونة أعمق من أن تحل بسهولة

ومع ذلك ، كان برشلونة هو النادي الوحيد الذي لديه سقف رواتب سالب قدره 144 مليون يورو في الدوري الأسباني في نافذة الانتقالات الشتوية 2021/22 , مدفوعًا بالخسارة الضخمة المبلغ عنها (الناجمة فعليًا عن المخصصات الكبيرة) , وهذا أقل من سقف 98 مليون يورو الذي مُنح لهم في نافذة الصيف.

إذا كانت عائدات نادي برشلونة يمكن أن تعود إلى مستويات ما قبل الوباء , فإن سقف الرواتب سيرتفع أيضًا , قبل عامين كان هذا هو الأعلى في إسبانيا حيث بلغ 671 مليون يورو , ومع ذلك لم ينتهي كل شيء بعد وإن كان هذا التوازن صعبًا للغاية.

مشكلة تسجيل اللاعبين الجدد

يتضح التحدي الذي يواجه نادي برشلونة من خلال حقيقة أن الليغا (La Liga) لم تسمح لهم بعد بتسجيل التعاقدات الجديدة  على الرغم من أن النادي أعلن بالفعل عن وصول رافينها (Rapinha) و ليفاندوفسكي (lewandowski) بالإضافة إلى اثنين من الانتقالات المجانية . فرانك كيسي (Franck Kessie) من ميلان و أندرياس كريستينسن من تشيلسي .
لا تزال فاتورة الأجور برشلونة تتجاوز الحد الأقصى للرواتب بأميال مع آخر رقم تم الإبلاغ عنه بلغ 432 مليون يورو في 2020/21 (هذا بدون الرياضات الأخرى) , على الرغم من أن هذا كان أقل بكثير من ذروة 501 مليون يورو في عام 2019. كان هذا ثاني أعلى رقم في أوروبا , تجاوزه فقط باريس سان جيرمان 503 مليون يورو.

لابورتا يبحث عن حلول لأزمة تسجيل اللاعبين الجدد

نتيجة لذلك ، اضطر نادي برشلونة إلى السماح للاعبين بالمغادرة من أجل تقليل فاتورة الأجور , وعلى الأخص ميسي على انتقال مجاني , ولكن أيضًا كوتينيو إلى استون فيلا بسعر مخفض قدره 20 مليون يورو , غادر آخرون على سبيل الإعارة بما في ذلك جريزمان إلى أتليتي وبيانيتش إلى بشيكتاش ولينجلي إلى توتنهام.

قال لابورتا: "بعض اللاعبين لديهم رواتب غير كافية للحدود التي حددها المجلس للموسم المقبل , سيتعين إجراء بعض التعديلات ". كانت الرغبة في أن تكون التمديدات الجديدة ل ديمبيلي وسيرجي روبرتو بأجور منخفضة , بينما قبل بيكيه وبوسكيتس وألبا بعد أن غادر ميسي التخفيضات الموسم الماضي.

تشمل التكتيكات الأخرى التخلص من عقود اللاعبين كأومتيتي , والتعاقد مع لاعبين ذوي رواتب منخفضة في السنة الأولى أوباميانغ (Aubameyang) مع تأجيل راتبه إلى تاريخ لاحق . تم تصميم كل هذه الحركات للسماح بتسجيل لاعبين جدد . على سبيل المثال. فيران توريس من مانشستر سيتي في يناير.

ازمة برشلونة تاتي لأنه من أكثر الأندية التي تشتري لاعبين

أحد الأسباب التي دفعت نادي برشلونة إلى تسجيل مثل هذه الخسارة الكبيرة في 2020/21 كان تحقيق ربح قدره 4 ملايين يورو فقط من مبيعات اللاعبين فقد اشترى برشلونة أكثر من 42 لاعبا للفريق الرديف في لاماسيا بين 2018 الى 2020 , حيث ينتج عن هذا النشاط "ضربة مزدوجة" من حيث تلبية الحد الأقصى للراتب: المكسب من البيع بالإضافة إلى المدخرات في فاتورة الأجور.

برشلونة يعاني أزمة اكتظاظ لاعبين

برشلونة لديه قائمة طويلة من اللاعبين الذين يرغب بشدة في التخلص منهم ، على سبيل المثال أومتيتي , نيتو , سيرجيو ديست , مارتن بريثويت وريكوي بويج , ومع ذلك ما لم يبيعوا أحد مواهبهم الشابة مثل بيدري Pedri أو جافي Gavi ,فإن اللاعب الوحيد الذي سيحقق أرباحًا كبيرة هو فرانكي دي يونغ Frenkie de Jong.

على الرغم من أن لابورتا قال إنه لا يريد أن يغادر دي يونج , فمن الواضح أن هذا احتمال بيعه وارد جدا , و محاولات إقناع لاعب خط الوسط الهولندي بالتخلي عن الأجور التي أجلها لمساعدة النادي خلال ورطته خلال جائحة كوفد 19, هي محاولة خاطئة من الناحية الأخلاقية , خاصة مع إنفاق النادي على لاعبين جدد و سعيه وراء توقيعات أخرى.

حلول الزعيم لابورتا لبرشلونة

باع نادي برشلونة 25٪ من حقوق البث التلفزيوني على مدى السنوات الـ 25 المقبلة مقابل 400 مليون يورو.
ونعم ، لا بأس من إدخال هذا المبلغ مرة واحدة.
لكن ما يجب وضعه في الاعتبار أن تلك الـ 400 مليون يورو التي سيدخلها برشلونة الآن ، سيتوقف عن كسبها في السنوات الـ 25 المقبلة.
برشلونة يأخذ جزءًا كبيرًا من استثماراته المستقبلية من نادي مدين , ويقوم بذلك لبناء مشروع قصير الأجل.
ليفاندوفسكي هو واحد من أفضل 9 لاعبين في العقد ولا يمكن إنكاره , لكن , أوبا ...و البقية , لأنك لن ترى هذه الـ 400 مليون يورو مرة أخرى خلال 25 عامًا! بالإضافة إلى التوقيعات هناك ديون يجب سدادها.

يقوم جوان لابورتا بعمل جيد لهذا الموسم المقبل والموسم التالي إذا كان هناك نجاحات رياضية , لكن بعد 5/10 سنوات من الآن , هل سيغادر النادي كما حصل عليه في ظل الحد الأدنى من الشروط وفي وحدة العناية المركزة , حينها لا يتحمل لابورتا التبعات فقد أعطي التفويض , وخاصة من خوان غاسبار الذي طالب الجميع باطلاق يد لابورتا ومساعدته على ما يريد.

كتب التقرير استناد لتقرير مؤسسة (Suiss Remble) المتخصصة في اقتصاد كرة القدم.